المعني الاصلاحي للاتصال
2- المعني الاصطلاحي للاتصال:
لقد تناول العديد من العلماء والمتخصصين الأجانب والعرب تعريف الاتصال وتباينت وجهات النظر وتقاربت أحيانا ، بل وتكررت مرات كثيرة ، ونورد فيما يلي بعض تعريفات الاتصال .
يرجع اصل كلمة اتصال Communicationإلي الكلمة اللاتينية “communis” ومعناهاCommon أي مشترك أوعام وبالتالي فإن الاتصال كعملية يتضمن المشاركة أوالتفاهم حول شئ أوفكرة أوإحساس أواتجاه أوسلوك أوفعل ما .
ويعد الاتصال من السمات الإنسانية الأساسية سواء كان في شكل صور أم موسيقي ، وسواء أكان إتصالا فعليا أم مستترا ، إعلاميا أم إقناعنا ، مخيفا أم مسليا ، واضحا أم غامضا ، مقصودا أم عشوائيا ، داخليا أم مع أشخاص آخرين ، فالأنصال إذن هوالقناة التي تربطنا بالإنسانية ، وهوالذي يمهد لكل ما نقوم به من أفعال (حسن عماد مكاوي ، 1998) .
كما أن الاتصال عملية يقوم بها الشخص في ظرف ما ، بنقل رسالة ما ، تحمل المعلومات أوالآراء أوالاتجاهات أوالمشاعر إلي الآخرين لهدف ما عن طريق الموز بغض النظر عما قد يعترضها من تشويش (صالح خليل أبواصبع ، 1999) .
كما يعرف الاتصال علي انه " العملية الاجتماعية التي يتم بمقتضاها تبادل المعلومات والآراء والأفكار في رموز دالة بين الأفراد أوالجماعات داخل المجتمع " ، وبين الثقافات المختلفة لتحقيق أهداف معينة ( محمد عبد الحميد ، 1998)
وعلي ذلك فإن الاتصال كعملية تعني سلسلة من العمليات أوالأحداث المستمرة المتحركة دائما تجاه هدف ، ذلك أن الاتصال ليس كيانا جامدا أوثابتا في دنيا الزمان والمكان ، ولكنه عملية ديناميكية يتم استخدامها لنقلل المعاني والقيم الثقافية والخبرات المشتركة .
3- التربية “ Education "
1- المعني اللغوي للتربية :
التربية : تعني علي المستوي اللغوي من خلال إعادتها إلي أصول لغوية ثلاثة وهي :
(ربا) و(ربي) و(رب)
فالأصل الأول : ربا ، يربو ( بمعني نما ، ينمو) .
الأصل الثاني : ربي ، يربي – بوزن خفي يخفي ، ومعناه نشأ وترعرع .
الأصل الثالث : رب … يرب… ( بمعني أصلحه وتولي أمره وقام علية ورعاه ) .
( عبد الرحمن الباني ، 1983 ، 7 ) .
2- المعني الاصطلاحي للتربية :
التربية يتغير أسلوبها من مجتمع لأخر ، لأن لكل مجتمع نظامه الاجتماعي وفلسفته الخاصة وأسلوب حياته وفق أهداف ومبادئ وقيم خاصة بهذا المجتمع ( نازلي صالح أحمد ، 1983 ،6 ) وفي هذا الإطار نجد من يعرف التربية بوجه عام بأنها عملية تكيف الفرد الإنساني مع بيئته التي يعيش فيها ، وهي تعني مساعدة الفرد أوإعداده لكي يتكيف بنجاح مع بيئته ، وعملية التكيف هذه تأتي من خلال عمليات التفاعل التي تتم بطرق مباشرة أوغير مباشرة بين الفرد وبيئته ( ثابت كامل حكيم ، 1993 51 ) .
ويمكن النظر إلي مفهوم التربية من زاوية الدور الذي تقوم به في نقل التراث الثقافي ، فهي أذن وسيلة المجتمع للمحافظة علي تراثه الثقافي ، وهي في ذات الوقت وسيلة المجتمع لنشر الجديد والمستحدث وتدعيمه بين الأجيال والناشئين ، ومن ثم تصبح التربية عاملا من عوامل التغيير ، وتكون بذلك هي تلك الأداة التي يستخدمها الإنسان وتميزه عن سائر الحيوانات الأخرى (براتر اندرسل ، د.ت ،11) .
والتربية هي عملية تشكيل وإعداد أفراد إنسانيين في مجتمع معين في زمان ومكان معينين حتى يستطيعوا أن يكتسبوا المهارات والقيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة التي تيسر لهم التعامل مع البيئة الاجتماعية التي ينشئون أفرادا فيها ومع البيئة المادية أيضا ، وهذا يعني أن التربية من عملية تنمية للأفراد الإنسانيين يقوم بها أفراد إنسانيون ، وهي بذلك تقوم علي أساسين التلميذ والوسيلة التربوية التي تشكل طبيعته الإنسانية (محمد لبيب النجيحي ، 1976 ،10 ) .
وهذا التعريف ينطلق من كون التربية عملية تطبيع اجتماعي تهدف إلي اكتساب الصفة الإنسانية التي يتميز بها الإنسان عن سائر الحيوانات .
والتربية كعملية فردية – بمعناها الواسع وبصورتها غير المقصودة قد وجدت بظهور أول كائن حي لدية القدرة علي التعلم ، وكعملية اجتماعية ، فإنها وجدت منذ أن كان لدي الأعضاء نفس القدرة من خلال ترابطهم في جماعات ، أي أن الإنسان قد مارس عملية التربية من خلال حياته الطويلة علي الأرض (منير المرسى سرحان ، 1987 ،31) .
وعلي هذا فإن التربية في أصلها " عملية تنشئة اجتماعية " تهدف إلي اكتساب الأفراد لثقافة مجتمعهم وعن طريق هذه العملية يكتسب الفرد الكفاية الإنتاجية والصفات السلوكية التي تؤهله للحياة في مجتمعة (محمود أبوزيد ، 1996، 2) .
وهنا تصبح التربية مجهودا تطبيقيا يهدف إلي ترجمه فلسفة المجتمع إلي مفاهيم وعادات واتجاهات ومهارات وسلوكيات لدي الأفراد ، كما تهدف إلي إحداث تعديل علي مستوي المؤسسات الاجتماعية حتى تتدعم هذه الاتجاهات والمهارات .
الأعلام التعليمي ... والاتصال التربوي
لم يظهر مصطلح " الأعلام التربوي " علي سطح الكتابات العلمية التربوية إلا حديثا حين بدأت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم تستخدم في أواخر السبعينات للدلالة علي التطور الذي طرأ علي نظم المعلومات التربوية وأساليب توثيقها وتصنيفها والافاده منها (مصطفي رجب ، 1989 ،8) .
وحين تعظم دور وسائل وامكانيه استخدامها في كل من التعليم الرسمي وغير الرسمي بما يمكن أن يسهم في حل مشكلات الكم والكيف التي بات يئن منها الحقل التعليمي والتربوي ، فضلا عن تنوع وتباين هذه الوسائل في طبيعتها وأسلوبها ، وبالتالي ما تقدمه من أساليب وطرق عدة للتعليم وما يمكن أن يتولد عن هذا التنوع من مزايا تخدم الطلاب والمعلمين (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 11) .
ومن ثم جاءت ضرورة التفكير في هذا الموضوع ، وضبط برنامج عمل للوصول بالمدرسة إلي مزيد من التفتح علي ما تقدمه قنوات الأعلام والاتصال من معارف غزيرة متنوعة والحيلولة دون تجاهل المدرسة لهذه المعارف في عصر طغت فيه وسائل الاتصال علي المدرسة ، وخلقت للتلاميذ محيطا لا تنسجم أشكاله ومحتوياته في أغلب الأحيان مع تصورات المدرسة ومحتويات برامجها (مصطفي المصمودى ، 1982 ، 171) .
لقد بقيت المدرسة حتى أوائل هذا القرن ، حتى في المجتمعات الصناعية المصدر الأول للمعرفة والمدرس ( الموزع الشرعي ) لهذه المعرفة ، واعتمد الفرد نتيجة لذلك علي المدرسة كمصدر لمعرفة العالم ولتنمية قدرته علي السيطرة علي أنماط من السلوك تمكنه من أن يحتل مكانه فيه ، أما اليوم فان اغلبيه المجتمعات تشهد تنافسا مكشوفا أومستترا بين النظامين التربوي والإعلامي ، وهذا التنافس يولد تناقضات بل صعوبات خطيرة في عقل الإنسان
فالنظام التربوي يقوم علي قيم النظام والطريقة وعلي البرمجة وعلي المجهود الشخصي والتركيز وعلي المنافسة ، وهوبهذا يتعارض مع نظام الاتصال الذي يهتم بالجديد وبالموضوعات المتعددة ويقدم ما يسهل فهمه ، ويعكس الاضطرابات في العالم ، وينمي قيم اللذة والمتعة ، وهذا التناقض مقبول في الدولة الغنية حيث تسود قاعدة البذخ والإسراف لكنه لا يناسب ظروف الدول النامية ، ومع هذا فإن وسائل الأعلام والاتصال – في واقعها – امكانيه كبيرة وطاقة ضخمة بغير نظير في نقل المعارف والمعلومات في المجتمعات جميعا (شون ماكبرايد ، 1981 ، 166) .
وعلي ضوء ذلك ما هوالاتصال التربوي كمصطلح يعد أحد القضايا التي يثيرها مصطلح الأعلام التربوي من منطلق التداخل بينهما ، مثله في ذلك مثل ما يشيرة مصطلح الأعلام التعليمي ؟ (حسن خليل ، 1999، 4) .
يهدف الاتصال التربوي إلي التحكم في سلوك الفرد عن طريق تنظيم بيئته ، ومسألة التحكم في سلوك الأفراد تأخذ منحنيين من مناحي البحث والمناقشة أولهما : منحي فلسفي ، يبحث ويناقش مدي سلامة تحديد سلوك الأفراد والتحكم فيه مع كفالة حريتهم الشخصية وحقهم في اتخاذ القرارات . والمنحي الثاني : علمي يبحث ويناقش إمكانية توصل العلم إلي درجة التحكم في سلوك الأفراد في ظل تعقد وتشابك العوامل المؤثرة فيه ، التي تجعل التنبؤ الدقيق بهذا السلوك صعبا أن لم يكن مستحيلا في الوقت الحاضر .
وعلي ضوء ذلك يمكن تعريف الاتصال التربوي علي أنه " نقل للأفكار والمعلومات التربوية والتعليمية بصفة خاصة من الناظر أومدير المدرسة إلي المعلم والعكس أومن الناظر والمدير إلي مجموعه من المعلمين إلي مجموعه أخرى سواء بالأسلوب الكتابي أوالشفهي أووسائل أخرى مختلفة بحيث يتحقق الفهم المتبادل بين آسرة المدرسة وينتج عنة اقتناع من جانب المتصل به مما يؤدي إلي وحدة الهدف والجهود ، بحيث تتحقق في النهاية المدرسة وفلسفتها التربوية والتعليمية ( نفس المرجع السابق) .
الإعلام ... والاتصال التربوي
من خلال العرض السابق نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام التعليمي والاتصال التربوي وذلك يسمح لنا بالانتقال إلي أن نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام والاتصال التربوي .
الأعلام وحيد الاتجاه : نشر أخبار ، برنامج إذاعي أوتليفزيوني ، أوملصق ، أومطبوعة الخ… ينتقل معلومات ويهدف إلي التأثير علي الجمهور ولكنه لا يتأثر باستجاباتهم (علي الأقل لحظة البث ) ولا يترك مجالا لإرجاع الأثر إلا بشكل بعدي ، أي أن الأعلام تقنيا يخلومن التفاعل المباشر ، ذلك ما يميز الاتصال عنه ، فهويتصف بالمواجهة والتفاعل وتبادل التأثير … علي أننا يحسن أن نتذكر أن أي أنباء يدعي القدرة علي التأثير والتفاعل أوأن المثل الأعلى للأنباء هوخلق تفاعل من الجمهور ولوعن بعد (مصطفي حجازي ، 1982،19) .
هذا وقد اتخذت الجمهور من اجل التوازن بين التعليم والأعلام أشكالا مختلفة ، فالبعض ينظر إلي وسائل الإعلام علي إنها مصدر للمعرفة والمعاصرة ، في حين ينصرف التعليم إلي نقل التراث والتقاليد المتراكمة عبر الأجيال ، بيد أن البعض الأخر يتمني قيام المدرسة بتكريس جهودها لزيادة الوعي الاجتماعي السليم عند الأفراد ، وأعدادهم لشغل مناصب مسئولة ، وللإسهام في التنمية الاقتصادية للأمة في حين يضع الأعلام نفسه في خدمة الترويج وملء وقت الفراغ إلي جانب تشجيع التبادل والتفاهم الدولي ، وهناك من يري أن علي المدرسة مقابل الجلبة والضوضاء التي يثيرها الإعلام –أن يكون ملاذا أمينا يتيح الهدوء والتأمل والتدريب العقلي والتكامل . (إبراهيم عبد الله المسلمي ، د.ت ،ص12) .
الإعلام ... والاتصال
إن كلمة إعلام إنما تعني أساسا ( الأخبار) وتقديم معلومات To Information أي أن اعلم ويتضح فيها وجود اتجاه واحد من مرسل Sender ووجود رسالة إعلامية massage (أخبار معلومات) إلي مستقبل Receiver كمونولوج monologue أي حديث من طرف واحد ، وإذا كان المصطلح يعني نقل المعلومات والأخبار فهوفي ذات الوقت يشمل أية إشارات أوعلامات أوأصوات وكل ما يمكن تلقيه أواختزانه .
وهو بهذا المعني اقرب إلي مصطلح Data أي البيانات أوالمعلومات وما نصطلح علي تسميته قاعدة المعلومات أوالبيانات التي نجمعها information gathering وتخزينها restoring في العقول الإلكترونية Computer واسترجاعها Regaining متي شئنا ؛ وهو يشمل أيضا تقديم الأخبار والمعلومات الدقيقة الصادقة للناس وللحقائق التي تساعدهم علي أدراك ما يجري حولهم وتكوين آراء صائبة في كل ما يهمهم من أمور ، أويتم ذلك من خلال وبواسطة وسائل تحمل للناس هذه المعلومات والحقائق والأخبار .
يمكن بذلك أن نصل إلي القول بأن الأعلام هوتقديم الأفكار والآراء والتوجيهات المختلفة إلي جانب المعلومات والبيانات بحيث تكون النتيجة المتوقعة والمخطط لها مسبقا أن تعلم الجماهير مستقبل الرسالة الإعلامية ، كافة الحقائق ومن كافة جوانبها ، بحيث يكون في استطاعتهم تكوين أراء وأفكار يفترض أنها صائبة بحيث يتحركون ويتصرفون علي أساسها من اجل تحقيق التقدم والنمووالخير لأنفسهم والمجتمع الذي يعيشون فيه .
أما كلمة اتصال Communication في ذاتها تعني " نقل معلومات من اجل نشرها وذيوعها عن طريق المشاركة " فالكلمة ذاتها أيضا مشتقة من الكلمة اللاتينية Communis ومعناها مشترك ، وهذا يعني وجود رسالة مشتركة ، كما تعني الكلمة أوالمصطلح استخدام اللغة أوأي رموز غير منطوقة لتوصيل معلومات ونشرها من اجل أقامه تفاعل اجتماعي Social Interaction (عبد المجيد شكري ، 1996) .
علي أيه حال :
فان أيسر أسلوب لفض الاشتباك بين الاصطلاحيين بعد ذيوع مصطلح إعلام وتفوقه بصورة أوبأخرى علي مصطلح اتصال الذي كاد أن يتخلى عن مكانة لمصطلح إعلام بالرغم من أن الأعلام جزء من وظائف الاتصال ، فقد أصبح من المقبول استخدام مصطلح أعلام الأكثر شيوعا عندنا ، بشرط أن يحتفظ ذلك المفهوم الشائع بكافة الأبعاد التي تميز الاتصال ووسائل الاتصال الجماهيري، من حيث هواتصال قائم علي المشاركة وان يتسع حق الأعلام ليشمل كافة عناصر الحق في الاتصال .
بل لعل الجمع بين الاصطلاحين يكون هوالأنسب للوصول إلي درجة كبيرة من التوافق بينهما فتقول الاتصال الإعلامي الذي يعني اليوم بالضرورة الاتصال الجماهيري ، والحقيقة تقول انه مهما فرض اصطلاح إعلام نفسه علي الساحة الاتصالية والمعرفية ، فقد بقي مفهوم ومعني الاتصال هوالمسيطر علية ولم يعد منطوق اللفظ هوالذي يفرض نفسه ، بل مضمون اللفظ هوالذي يحدد هوية المصطلح .
الإعلام ... والتربية
أما الإعلام التربوي فيشتمل علي بقية وسائل الإعلام العامة في إطار من المهام التربوية للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وتعتبر أجهزه الإعلام وهي مؤسسة اجتماعية لها من حقوق مؤسسة أخرى في سعيها في البقاء والتكيف من خلال اكتمال أدائها الوظيفي كوحدة من النظام الثقافي المتكامل في المجتمع وبالتالي فإن عليها أيضا واجبات ينبغي لها أن تقوم بها غير أن تلك الواجبات مهما تتسع فلا ينبغي أن تعمل علي تحويل وسائل الإعلام عن وظائفها التقليدية كالإعلام والتثقيف والتحليل والشرح والترفيه إلي رسالة جديدة هي التربية والتعليم (نوال عمر ، 1986 ، 1) .
وعلي هذا فلا يجب التطلع إلي استخدامها استخداما مباشرا وحتى لوأمكن حدوث هذا فإن النتائج لن تكون طيبة بالنظر إلي الفروق الجوهرية بين المدرسة كنظام تربوي مؤسس ووسائل الإعلام بما فيها من كغايات متفاوتة القدرات وما لها من أساليب وتقنيات خاصة بها . وإذا كان لوسائل الإعلام إمكانية القيام بدور تربوي وذلك من خلال طرح محتوي إعلامي في إطار تربوي يسعى إلي تكريس وتعميق قيم المجتمع الخلقية مما يعتبر ذلك نوعا من الإعلام التربوي .
أما إذا اقتصر ما تقدمة من محتوي علي أهداف الترويح والترفيه والإشارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة خلوا من أي التزام تربوي وأخلاقي أصبح ذلك النوع من الإعلام غير تربوي بل قد يصبح هذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها .(نفس المرجع السابق) .
هذا ويعتبر الإعلام التربوي اخطر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام ، وان كان هناك خلاف حول مفهومه ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية ؟ أوبمعني أخر، هل هوأنشطة العلاقات العامة التي تمارسها أجهزة التربية للإعلام بما تقوم به لتسويق جهودها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول إلي أهداف التربية ؟
ولعل أساس هذا الخلاف هوجوهر هذا الإعلام النوعي والمحيط الذي يجب أن يشمله هذا المصطلح وهل هذا المحيط هوالحقل التعليمي بوسائله الضيقة والمتخصصة أم المجتمع بصفة عامة والواجبات التربوية لوسائل الإعلام ، وقد افرز لنا هذا الخلاف مفاهيم عدة بعضها ينظر إلي الإعلام التربوي من منظور أعم واشمل ويتجاوز تلك البيانات والمعلومات التي تبثها وسائل الإعلام بقصد استخدامها في النظام التعليمي والبعض الأخر يقتصرة علي الإعلام التعليمي (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 12-1) .
2- المعني الاصطلاحي للاتصال:
لقد تناول العديد من العلماء والمتخصصين الأجانب والعرب تعريف الاتصال وتباينت وجهات النظر وتقاربت أحيانا ، بل وتكررت مرات كثيرة ، ونورد فيما يلي بعض تعريفات الاتصال .
يرجع اصل كلمة اتصال Communicationإلي الكلمة اللاتينية “communis” ومعناهاCommon أي مشترك أوعام وبالتالي فإن الاتصال كعملية يتضمن المشاركة أوالتفاهم حول شئ أوفكرة أوإحساس أواتجاه أوسلوك أوفعل ما .
ويعد الاتصال من السمات الإنسانية الأساسية سواء كان في شكل صور أم موسيقي ، وسواء أكان إتصالا فعليا أم مستترا ، إعلاميا أم إقناعنا ، مخيفا أم مسليا ، واضحا أم غامضا ، مقصودا أم عشوائيا ، داخليا أم مع أشخاص آخرين ، فالأنصال إذن هوالقناة التي تربطنا بالإنسانية ، وهوالذي يمهد لكل ما نقوم به من أفعال (حسن عماد مكاوي ، 1998) .
كما أن الاتصال عملية يقوم بها الشخص في ظرف ما ، بنقل رسالة ما ، تحمل المعلومات أوالآراء أوالاتجاهات أوالمشاعر إلي الآخرين لهدف ما عن طريق الموز بغض النظر عما قد يعترضها من تشويش (صالح خليل أبواصبع ، 1999) .
كما يعرف الاتصال علي انه " العملية الاجتماعية التي يتم بمقتضاها تبادل المعلومات والآراء والأفكار في رموز دالة بين الأفراد أوالجماعات داخل المجتمع " ، وبين الثقافات المختلفة لتحقيق أهداف معينة ( محمد عبد الحميد ، 1998)
وعلي ذلك فإن الاتصال كعملية تعني سلسلة من العمليات أوالأحداث المستمرة المتحركة دائما تجاه هدف ، ذلك أن الاتصال ليس كيانا جامدا أوثابتا في دنيا الزمان والمكان ، ولكنه عملية ديناميكية يتم استخدامها لنقلل المعاني والقيم الثقافية والخبرات المشتركة .
3- التربية “ Education "
1- المعني اللغوي للتربية :
التربية : تعني علي المستوي اللغوي من خلال إعادتها إلي أصول لغوية ثلاثة وهي :
(ربا) و(ربي) و(رب)
فالأصل الأول : ربا ، يربو ( بمعني نما ، ينمو) .
الأصل الثاني : ربي ، يربي – بوزن خفي يخفي ، ومعناه نشأ وترعرع .
الأصل الثالث : رب … يرب… ( بمعني أصلحه وتولي أمره وقام علية ورعاه ) .
( عبد الرحمن الباني ، 1983 ، 7 ) .
2- المعني الاصطلاحي للتربية :
التربية يتغير أسلوبها من مجتمع لأخر ، لأن لكل مجتمع نظامه الاجتماعي وفلسفته الخاصة وأسلوب حياته وفق أهداف ومبادئ وقيم خاصة بهذا المجتمع ( نازلي صالح أحمد ، 1983 ،6 ) وفي هذا الإطار نجد من يعرف التربية بوجه عام بأنها عملية تكيف الفرد الإنساني مع بيئته التي يعيش فيها ، وهي تعني مساعدة الفرد أوإعداده لكي يتكيف بنجاح مع بيئته ، وعملية التكيف هذه تأتي من خلال عمليات التفاعل التي تتم بطرق مباشرة أوغير مباشرة بين الفرد وبيئته ( ثابت كامل حكيم ، 1993 51 ) .
ويمكن النظر إلي مفهوم التربية من زاوية الدور الذي تقوم به في نقل التراث الثقافي ، فهي أذن وسيلة المجتمع للمحافظة علي تراثه الثقافي ، وهي في ذات الوقت وسيلة المجتمع لنشر الجديد والمستحدث وتدعيمه بين الأجيال والناشئين ، ومن ثم تصبح التربية عاملا من عوامل التغيير ، وتكون بذلك هي تلك الأداة التي يستخدمها الإنسان وتميزه عن سائر الحيوانات الأخرى (براتر اندرسل ، د.ت ،11) .
والتربية هي عملية تشكيل وإعداد أفراد إنسانيين في مجتمع معين في زمان ومكان معينين حتى يستطيعوا أن يكتسبوا المهارات والقيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة التي تيسر لهم التعامل مع البيئة الاجتماعية التي ينشئون أفرادا فيها ومع البيئة المادية أيضا ، وهذا يعني أن التربية من عملية تنمية للأفراد الإنسانيين يقوم بها أفراد إنسانيون ، وهي بذلك تقوم علي أساسين التلميذ والوسيلة التربوية التي تشكل طبيعته الإنسانية (محمد لبيب النجيحي ، 1976 ،10 ) .
وهذا التعريف ينطلق من كون التربية عملية تطبيع اجتماعي تهدف إلي اكتساب الصفة الإنسانية التي يتميز بها الإنسان عن سائر الحيوانات .
والتربية كعملية فردية – بمعناها الواسع وبصورتها غير المقصودة قد وجدت بظهور أول كائن حي لدية القدرة علي التعلم ، وكعملية اجتماعية ، فإنها وجدت منذ أن كان لدي الأعضاء نفس القدرة من خلال ترابطهم في جماعات ، أي أن الإنسان قد مارس عملية التربية من خلال حياته الطويلة علي الأرض (منير المرسى سرحان ، 1987 ،31) .
وعلي هذا فإن التربية في أصلها " عملية تنشئة اجتماعية " تهدف إلي اكتساب الأفراد لثقافة مجتمعهم وعن طريق هذه العملية يكتسب الفرد الكفاية الإنتاجية والصفات السلوكية التي تؤهله للحياة في مجتمعة (محمود أبوزيد ، 1996، 2) .
وهنا تصبح التربية مجهودا تطبيقيا يهدف إلي ترجمه فلسفة المجتمع إلي مفاهيم وعادات واتجاهات ومهارات وسلوكيات لدي الأفراد ، كما تهدف إلي إحداث تعديل علي مستوي المؤسسات الاجتماعية حتى تتدعم هذه الاتجاهات والمهارات .
الأعلام التعليمي ... والاتصال التربوي
لم يظهر مصطلح " الأعلام التربوي " علي سطح الكتابات العلمية التربوية إلا حديثا حين بدأت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم تستخدم في أواخر السبعينات للدلالة علي التطور الذي طرأ علي نظم المعلومات التربوية وأساليب توثيقها وتصنيفها والافاده منها (مصطفي رجب ، 1989 ،8) .
وحين تعظم دور وسائل وامكانيه استخدامها في كل من التعليم الرسمي وغير الرسمي بما يمكن أن يسهم في حل مشكلات الكم والكيف التي بات يئن منها الحقل التعليمي والتربوي ، فضلا عن تنوع وتباين هذه الوسائل في طبيعتها وأسلوبها ، وبالتالي ما تقدمه من أساليب وطرق عدة للتعليم وما يمكن أن يتولد عن هذا التنوع من مزايا تخدم الطلاب والمعلمين (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 11) .
ومن ثم جاءت ضرورة التفكير في هذا الموضوع ، وضبط برنامج عمل للوصول بالمدرسة إلي مزيد من التفتح علي ما تقدمه قنوات الأعلام والاتصال من معارف غزيرة متنوعة والحيلولة دون تجاهل المدرسة لهذه المعارف في عصر طغت فيه وسائل الاتصال علي المدرسة ، وخلقت للتلاميذ محيطا لا تنسجم أشكاله ومحتوياته في أغلب الأحيان مع تصورات المدرسة ومحتويات برامجها (مصطفي المصمودى ، 1982 ، 171) .
لقد بقيت المدرسة حتى أوائل هذا القرن ، حتى في المجتمعات الصناعية المصدر الأول للمعرفة والمدرس ( الموزع الشرعي ) لهذه المعرفة ، واعتمد الفرد نتيجة لذلك علي المدرسة كمصدر لمعرفة العالم ولتنمية قدرته علي السيطرة علي أنماط من السلوك تمكنه من أن يحتل مكانه فيه ، أما اليوم فان اغلبيه المجتمعات تشهد تنافسا مكشوفا أومستترا بين النظامين التربوي والإعلامي ، وهذا التنافس يولد تناقضات بل صعوبات خطيرة في عقل الإنسان
فالنظام التربوي يقوم علي قيم النظام والطريقة وعلي البرمجة وعلي المجهود الشخصي والتركيز وعلي المنافسة ، وهوبهذا يتعارض مع نظام الاتصال الذي يهتم بالجديد وبالموضوعات المتعددة ويقدم ما يسهل فهمه ، ويعكس الاضطرابات في العالم ، وينمي قيم اللذة والمتعة ، وهذا التناقض مقبول في الدولة الغنية حيث تسود قاعدة البذخ والإسراف لكنه لا يناسب ظروف الدول النامية ، ومع هذا فإن وسائل الأعلام والاتصال – في واقعها – امكانيه كبيرة وطاقة ضخمة بغير نظير في نقل المعارف والمعلومات في المجتمعات جميعا (شون ماكبرايد ، 1981 ، 166) .
وعلي ضوء ذلك ما هوالاتصال التربوي كمصطلح يعد أحد القضايا التي يثيرها مصطلح الأعلام التربوي من منطلق التداخل بينهما ، مثله في ذلك مثل ما يشيرة مصطلح الأعلام التعليمي ؟ (حسن خليل ، 1999، 4) .
يهدف الاتصال التربوي إلي التحكم في سلوك الفرد عن طريق تنظيم بيئته ، ومسألة التحكم في سلوك الأفراد تأخذ منحنيين من مناحي البحث والمناقشة أولهما : منحي فلسفي ، يبحث ويناقش مدي سلامة تحديد سلوك الأفراد والتحكم فيه مع كفالة حريتهم الشخصية وحقهم في اتخاذ القرارات . والمنحي الثاني : علمي يبحث ويناقش إمكانية توصل العلم إلي درجة التحكم في سلوك الأفراد في ظل تعقد وتشابك العوامل المؤثرة فيه ، التي تجعل التنبؤ الدقيق بهذا السلوك صعبا أن لم يكن مستحيلا في الوقت الحاضر .
وعلي ضوء ذلك يمكن تعريف الاتصال التربوي علي أنه " نقل للأفكار والمعلومات التربوية والتعليمية بصفة خاصة من الناظر أومدير المدرسة إلي المعلم والعكس أومن الناظر والمدير إلي مجموعه من المعلمين إلي مجموعه أخرى سواء بالأسلوب الكتابي أوالشفهي أووسائل أخرى مختلفة بحيث يتحقق الفهم المتبادل بين آسرة المدرسة وينتج عنة اقتناع من جانب المتصل به مما يؤدي إلي وحدة الهدف والجهود ، بحيث تتحقق في النهاية المدرسة وفلسفتها التربوية والتعليمية ( نفس المرجع السابق) .
الإعلام ... والاتصال التربوي
من خلال العرض السابق نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام التعليمي والاتصال التربوي وذلك يسمح لنا بالانتقال إلي أن نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام والاتصال التربوي .
الأعلام وحيد الاتجاه : نشر أخبار ، برنامج إذاعي أوتليفزيوني ، أوملصق ، أومطبوعة الخ… ينتقل معلومات ويهدف إلي التأثير علي الجمهور ولكنه لا يتأثر باستجاباتهم (علي الأقل لحظة البث ) ولا يترك مجالا لإرجاع الأثر إلا بشكل بعدي ، أي أن الأعلام تقنيا يخلومن التفاعل المباشر ، ذلك ما يميز الاتصال عنه ، فهويتصف بالمواجهة والتفاعل وتبادل التأثير … علي أننا يحسن أن نتذكر أن أي أنباء يدعي القدرة علي التأثير والتفاعل أوأن المثل الأعلى للأنباء هوخلق تفاعل من الجمهور ولوعن بعد (مصطفي حجازي ، 1982،19) .
هذا وقد اتخذت الجمهور من اجل التوازن بين التعليم والأعلام أشكالا مختلفة ، فالبعض ينظر إلي وسائل الإعلام علي إنها مصدر للمعرفة والمعاصرة ، في حين ينصرف التعليم إلي نقل التراث والتقاليد المتراكمة عبر الأجيال ، بيد أن البعض الأخر يتمني قيام المدرسة بتكريس جهودها لزيادة الوعي الاجتماعي السليم عند الأفراد ، وأعدادهم لشغل مناصب مسئولة ، وللإسهام في التنمية الاقتصادية للأمة في حين يضع الأعلام نفسه في خدمة الترويج وملء وقت الفراغ إلي جانب تشجيع التبادل والتفاهم الدولي ، وهناك من يري أن علي المدرسة مقابل الجلبة والضوضاء التي يثيرها الإعلام –أن يكون ملاذا أمينا يتيح الهدوء والتأمل والتدريب العقلي والتكامل . (إبراهيم عبد الله المسلمي ، د.ت ،ص12) .
الإعلام ... والاتصال
إن كلمة إعلام إنما تعني أساسا ( الأخبار) وتقديم معلومات To Information أي أن اعلم ويتضح فيها وجود اتجاه واحد من مرسل Sender ووجود رسالة إعلامية massage (أخبار معلومات) إلي مستقبل Receiver كمونولوج monologue أي حديث من طرف واحد ، وإذا كان المصطلح يعني نقل المعلومات والأخبار فهوفي ذات الوقت يشمل أية إشارات أوعلامات أوأصوات وكل ما يمكن تلقيه أواختزانه .
وهو بهذا المعني اقرب إلي مصطلح Data أي البيانات أوالمعلومات وما نصطلح علي تسميته قاعدة المعلومات أوالبيانات التي نجمعها information gathering وتخزينها restoring في العقول الإلكترونية Computer واسترجاعها Regaining متي شئنا ؛ وهو يشمل أيضا تقديم الأخبار والمعلومات الدقيقة الصادقة للناس وللحقائق التي تساعدهم علي أدراك ما يجري حولهم وتكوين آراء صائبة في كل ما يهمهم من أمور ، أويتم ذلك من خلال وبواسطة وسائل تحمل للناس هذه المعلومات والحقائق والأخبار .
يمكن بذلك أن نصل إلي القول بأن الأعلام هوتقديم الأفكار والآراء والتوجيهات المختلفة إلي جانب المعلومات والبيانات بحيث تكون النتيجة المتوقعة والمخطط لها مسبقا أن تعلم الجماهير مستقبل الرسالة الإعلامية ، كافة الحقائق ومن كافة جوانبها ، بحيث يكون في استطاعتهم تكوين أراء وأفكار يفترض أنها صائبة بحيث يتحركون ويتصرفون علي أساسها من اجل تحقيق التقدم والنمووالخير لأنفسهم والمجتمع الذي يعيشون فيه .
أما كلمة اتصال Communication في ذاتها تعني " نقل معلومات من اجل نشرها وذيوعها عن طريق المشاركة " فالكلمة ذاتها أيضا مشتقة من الكلمة اللاتينية Communis ومعناها مشترك ، وهذا يعني وجود رسالة مشتركة ، كما تعني الكلمة أوالمصطلح استخدام اللغة أوأي رموز غير منطوقة لتوصيل معلومات ونشرها من اجل أقامه تفاعل اجتماعي Social Interaction (عبد المجيد شكري ، 1996) .
علي أيه حال :
فان أيسر أسلوب لفض الاشتباك بين الاصطلاحيين بعد ذيوع مصطلح إعلام وتفوقه بصورة أوبأخرى علي مصطلح اتصال الذي كاد أن يتخلى عن مكانة لمصطلح إعلام بالرغم من أن الأعلام جزء من وظائف الاتصال ، فقد أصبح من المقبول استخدام مصطلح أعلام الأكثر شيوعا عندنا ، بشرط أن يحتفظ ذلك المفهوم الشائع بكافة الأبعاد التي تميز الاتصال ووسائل الاتصال الجماهيري، من حيث هواتصال قائم علي المشاركة وان يتسع حق الأعلام ليشمل كافة عناصر الحق في الاتصال .
بل لعل الجمع بين الاصطلاحين يكون هوالأنسب للوصول إلي درجة كبيرة من التوافق بينهما فتقول الاتصال الإعلامي الذي يعني اليوم بالضرورة الاتصال الجماهيري ، والحقيقة تقول انه مهما فرض اصطلاح إعلام نفسه علي الساحة الاتصالية والمعرفية ، فقد بقي مفهوم ومعني الاتصال هوالمسيطر علية ولم يعد منطوق اللفظ هوالذي يفرض نفسه ، بل مضمون اللفظ هوالذي يحدد هوية المصطلح .
الإعلام ... والتربية
أما الإعلام التربوي فيشتمل علي بقية وسائل الإعلام العامة في إطار من المهام التربوية للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وتعتبر أجهزه الإعلام وهي مؤسسة اجتماعية لها من حقوق مؤسسة أخرى في سعيها في البقاء والتكيف من خلال اكتمال أدائها الوظيفي كوحدة من النظام الثقافي المتكامل في المجتمع وبالتالي فإن عليها أيضا واجبات ينبغي لها أن تقوم بها غير أن تلك الواجبات مهما تتسع فلا ينبغي أن تعمل علي تحويل وسائل الإعلام عن وظائفها التقليدية كالإعلام والتثقيف والتحليل والشرح والترفيه إلي رسالة جديدة هي التربية والتعليم (نوال عمر ، 1986 ، 1) .
وعلي هذا فلا يجب التطلع إلي استخدامها استخداما مباشرا وحتى لوأمكن حدوث هذا فإن النتائج لن تكون طيبة بالنظر إلي الفروق الجوهرية بين المدرسة كنظام تربوي مؤسس ووسائل الإعلام بما فيها من كغايات متفاوتة القدرات وما لها من أساليب وتقنيات خاصة بها . وإذا كان لوسائل الإعلام إمكانية القيام بدور تربوي وذلك من خلال طرح محتوي إعلامي في إطار تربوي يسعى إلي تكريس وتعميق قيم المجتمع الخلقية مما يعتبر ذلك نوعا من الإعلام التربوي .
أما إذا اقتصر ما تقدمة من محتوي علي أهداف الترويح والترفيه والإشارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة خلوا من أي التزام تربوي وأخلاقي أصبح ذلك النوع من الإعلام غير تربوي بل قد يصبح هذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها .(نفس المرجع السابق) .
هذا ويعتبر الإعلام التربوي اخطر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام ، وان كان هناك خلاف حول مفهومه ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية ؟ أوبمعني أخر، هل هوأنشطة العلاقات العامة التي تمارسها أجهزة التربية للإعلام بما تقوم به لتسويق جهودها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول إلي أهداف التربية ؟
ولعل أساس هذا الخلاف هوجوهر هذا الإعلام النوعي والمحيط الذي يجب أن يشمله هذا المصطلح وهل هذا المحيط هوالحقل التعليمي بوسائله الضيقة والمتخصصة أم المجتمع بصفة عامة والواجبات التربوية لوسائل الإعلام ، وقد افرز لنا هذا الخلاف مفاهيم عدة بعضها ينظر إلي الإعلام التربوي من منظور أعم واشمل ويتجاوز تلك البيانات والمعلومات التي تبثها وسائل الإعلام بقصد استخدامها في النظام التعليمي والبعض الأخر يقتصرة علي الإعلام التعليمي (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 12-1) .