مفهوم الاعلام التربوي
الإعلام التربوي ... والإعلام التعليمي:
ومثلما كان الاختلاف بشأن ما يعنيه مصطلح الإعلام التربوي ومدلولاته المختلفة كان الاختلاف المثار بالنسبة لمفهوم الإعلام التعليمي وهل هوقاصر علي ما تبثه رسائل الإعلام داخل الحقل التعليمي أم يتسع ليشمل البرامج التعليمية الموجهة في الإذاعة المسموعة والمرئية ، وكذلك الصفحات والأبواب والأركان المتخصصة في الجرائد اليومية والأسبوعية ، كذلك هناك من يخلط بين مصطلحي الإعلام التربوي والإعلام التعليمي ، فيطلقون لفظ الإعلام التربوي علي العملية الإعلامية داخل الحقل التعليمي فضلا عن الدراسات والأبحاث التي تناولت البرامج التعليمية في الإذاعة والتليفزيون تحت مسمى الإعلام التربوي .
وهذا الخلط قد يكون ناجم عن الخلط بين كلمتي التربية Education والتعليم Instruction بل ان الكلمة الأولي كثيرا ما تترجم الي العربية مرة بالتعليم ومرة بالتربية، كما تستخدم كثيرا بمعني التربية لتشير الي التعليم وعلي أساس ان التعليم نوع من أنواع التربية ولكنها التربية الرسمية التي تتم داخل المؤسسات التعليمية ، بينما تتم التربية داخل تلك المؤسسات وخارجها وبرزت هذه النظرة من خلال الزحف التكنولوجي الهائل والحديث في كافة مناحي الحياة ، وضرورة أن تستخدم التربية منجزات عصرها ، حيث إنها من المفترض ان تتأثر بأدوات ومنجزات عصرها الذي تعيش فيه .
وفي إطار هذه النظرة أشار البعض الي ان استخدام وسائل الأعلام في التعليم له مردودة حيث أكدت بحوث " ولبور شرام " “ Wilber schramm” علي جدوي استخدام التليفزيون التعليمي ، حيث ان هذا الجهاز له إمكانات واستخدامات تربوية .
( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 200 ) .
ومن الأشكال المختلفة لهذا الاستخدام والتي أنتجت أشكال من البرامج التعليمية الناتجة عن تكنولوجيا الإعلام " التعليم الذاتي والتعليم بالمراسلة " والتعليم عن بعد والتعليم المبرمج 000 إلخ ، كذلك الجامعات . ( ماجي الحلواني ، 1987 ، 125 ) .
ويعرف إبراهيم المسلمي الإعلام التعليمي علي انه " جزء من الإعلام التربوي الأعم والأشمل " .
يقصد به كافة المواد التعليمية المعدة خصيصا لفئة معينة ، التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة سواء داخل الحقل التعليمي كالإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية أوخارجها علي المستوي الجماهيري كالبرامج التعليمية المسموعة والمرئية الموجهة للطلاب بمختلف المراحل التعليمية والصفحات والأبواب والأركان التعليمية المتخصصة في الصحف اليومية والأسبوعية حتى وان قرأها جمهور عام – بقصد الإعلام والتثبيت والشرح والتحليل ومعاونه المؤسسة التعليمية ( إبراهيم المسلمي ، د.ت ، 17 ) .
علي ايه حال هناك وجهتي نظر فيما يتعلق بمصطلح الإعلام التعليمي :
الأولي :
تقصر الإعلام التعليمي علي كل الوسائل التي تستخدم داخل الحقل التعليمي في إعلام جماهير وأطراف العملية التعليمية بقضايا ومستجدات وأحداث ومشكلات الحقل التعليمي ومن هذه الوسائل الصحافة المدرسية ، الإذاعة المدرسية وغيرها .
الثانية :
تضيف الي هذه الوسائل الإعلامية المدرسية ما تبثه الإذاعة المسموعة والمرئية من برامج تعليمية متخصصة وكذلك ما تنشره الصحف والمجلات العامة من صفحات وأبواب وركان تعليمية متخصصة .
ويأتي مفهوم " مصطفي رجب " متمشيا مع وجهة النظر الثانية حيث يحصره في الصحف والمجلات التي تصدر متجهة الي المعلمين والطلاب وغيرهم من عناصر العملية التعليمية مضافا الي ذلك البرامج التعليمية المسموعة والمرئية ( مصطفي رجب ، 1989، 8 ) .
الرؤية الصحيحة لمفهوم الإعلام التربوي:
ويري مصطفي رجب ان إطلاق مصطلح " الإعلام التربوي " يشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام العامة يمكن ان يكون اقرب الي الصواب واكثر إفادة للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وبخاصة أجهزة الإعلام ( مصطفي رجب ، 1989 ، 8 ) ولا شك ان هذه النظرة الشاملة لمفهوم الإعلام التربوي لها جانبان :
الأولى :
ان وسائل الإعلام علي اختلافها – مؤسسة اجتماعية لها من الحقوق ما لآيه مؤسسة أخرى في المجتمع كالأسرة والمدرسة والمسجد والأندية وغيرها وهي ولا شك وسيط تربوي قوي وبالتالي فعليها واجبات ينبغي القيام بها الي جانب وظائفها الأخرى التقليدية ، يضاف الي ذلك سعيها الدائب للبقاء والقوة والتكيف من خلال اكتمال وفاعلية دورها الوظيفي كوحدة في النظام الثقافي المتكامل في المجتمع .
الثاني :
ان التربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر كالبرامج التعليمية الموجهة وما يحدث داخل المدرسة ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى يؤتي ثماره .
وعلي أساس من هذا الفهم فإن أي محتوي يقدم من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية وفي إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع ومبادئه يمكن اعتبار هذا النوع من الأعلام " إعلاما تربويا " أما إذا كان غير ذلك أي غير ملتزم اصبح إعلاما غير تربويا .
وهذا المعني يحمل في طياته اتهاما مرفوضا من جانب الأجهزة الإعلامية ، فحيث يكون هناك إعلام تربوي له خصائصه وسماته ، يكون أيضا هناك إعلاما غير تربوي عندما يفتقد الي الخصائص والسمات التي يعددها بعض الباحثين في أدبياتهم ، وهوما لا يتصور وجوده في إطار السياسات الإعلامية والتربوية .
ويعرف الإعلام التربوي بأنه " استخدام كافة أساليب التكنولوجيا الاتصالية الحديثة المسموعة والمرئية والمنشورة واللقاءات الميدانية لتوعية المواطن ومدة بكافة الآراء والمعلومات والخبرات والاتجاهات والمعتقدات " التي من شأنها ان تمس ناحية من النواحي التربوية أوالاجتماعية أوالتعليمية ، وكذلك التناول الإعلامي للمشكلات الاجتماعية والظواهر المرضية بشكل مباشر من خلال الاتصال الشخصي أوغير المباشر من خلال الاتصال الجماهيري . ( حسني الجبالي ، 1993 ، 165 ) .
وهذا المفهوم الواسع للإعلام التربوي يختلف عن هذا المفهوم الضيق الذي يقصره علي تلك المواد المعقدة خصيصا لأغراض تربوية ونفسية سواء أكانت مذاعة أم مرئية أم منشورة .
والإعلام التربوي يقصد به " نوعا من الثقافة التربوية الهادفة الموجهة للجماهير بمختلف نوعياتهم ويمكن ان يكتفي هذا الإعلام بمعالجة بعض القضايا والمشكلات التربوية مثل قضايا المعوقين " ومتضمنات هذا الإعلام التربوي انه إعلام من حيث ضرورة نشر موضوعاته عن طريقه كافة ألوان المواد المطبوعة والمسموعة والمرئية ، وما يناسب الحالات والأعمار المختلفة منها ، وهذا الإعلام تربويا لانه يهدف الي غايات تربوية منشودة لخدمة بعض قضايا التربية والتعليم والإسهام في تربية أبناء وأفراد المجتمع بما يؤدي الي صالح الأفراد وتقدم المجتمع . ( ثابت كامل حكيم ، 1993 ، 126 ) .
ولا شك ان هذا المفهوم يأخذ في اعتباره الدور الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام تجاه المجتمع ومدى مساهمة هذه الأجهزة نحوخدمة قضايا التربية وتربية المواطنين ، انطلاقا من ان التربية الصحيحة والإعلام الصحيح لابد ان يلتقيا في منتصف الطريق ولتحقيق غايات منسقة تسهم في تقدم المجتمع وأفراده .
أما د. إبراهيم المسلمي فقد عرف الإعلام التربوي بأنه " هوفرع من الإعلام المتخصص ولكنه يتميز بأنه إعلام أعم وأشمل وهوإعلام موجة وهادف وموضوعي … يقصد به إعداد رسائل واقعية هادفة وموجهة ، تبث من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة وتقنياتها المختلفة الي الجماهير علي اختلاف أعمارهم وبيئاتهم وثقافتهم ، بما يسهم في عملية إدماجهم وتكيفهم مع مجتمعهم الذي يعيشون فيه ، ويؤدي الي رقيهم وتنميتهم وتطويرهم وتربيتهم التربية الصحيحة في إطار الوسط الاجتماعي العام ، وبما يتفق مع النسق القيمي والأخلاقي في المجتمع وتحقيق رسالة الإعلام والتربية معا . ( إبراهيم المسلمي ، د.ن، 16 ) .
وهنا تظهر أهميه الإعلام التربوي في مجالات التثقيف ومساندة عملية التنمية الشاملة وترشيد القيم الإيجابية وغرس قيم جديدة تتطلبها هذه المرحلة لمواجهة التحديات التي تتطلب إنسانا واعيا متطورا منتجا .
وتعرف علياء رمضان بأنه " الإعلام التربوي هوتوظيف وسائل الإعلام العامة سواء صحافة أوإذاعة أوتليفزيون في خدمة أهداف التربية " .
ويؤكد محي الدين اللاذقاني علي النظرة الشمولية للإعلام التربوي فيقول " ان التسميات الكثيرة التي يزخر بها معجم الإعلام الحديث كالإعلام الاقتصادي والزراعي والعسكري ما هي في الواقع إلا فرع من شجرة كبيرة في شجرة الإعلام التربوي بمعناه الشمولي لا التبسيطي الذي يجعل منه معلما أخر … ويستطرد قائلا : انه من الأولي بالأعلام التربوي ان يطور وسائلة واساليبة وان يدرس بعمق يتناسب مع أهميته بين بقية فروع الإعلام في وقت يميل فيه الي التخصص " . ( محي الدين اللاذقاني ، 1978 ، 12 : 14 ) .
ويري ان الإعلام التربوي يأتي أولا وسابقا لفروع الإعلام الأخرى لان القائمين علي الإعلام الحديث يطبقون منذ وقت طويل احدث الأساليب النفسية للتأثير علي الرأي العام مستفيدين في ذلك من أخر منجزات ثورة الاتصال بالجماهير التي تتيح لهم وضع خطط إعلامية دعائية للأطفال والشباب . ( نفس المرجع السابق ) .
وهكذا اختلفت المفاهيم بالنسبة للإعلام التربوي بين مفهوم اعم واشمل يؤكد ما للإعلام من قيمة تربوية وتأثير في تكوين الفكر ، ويؤكد علي ضرورة الجمع بين الإعلام والتربية كنظام شامل يحوي التربية المدرسية واللامدرسية ، النظامية واللانظامية ، تربية الناشئين والكبار لان هذه الحلقات تتكامل وتترابط لاعداد الشخصية الإنسانية السوية المنتجة والإيجابية المبتكرة حتى تكون وسائل الإعلام اكثر أثمارا وإيجابية ، وبين إعلام محدود وضيق وقاصر علي البيانات والمعلومات الخاصة بالعملية والنظام التعليمي .
الإعلام التربوي … والتربية الإعلامية:
أما عن التربية الإعلامية فتعرف بأنها " جميع الجهود والأنشطة الإعلامية الداعية والهادفة التي تبثها وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية " والتي تساعد علي بناء الإنسان وإعداده من جميع النواحي ( أخلاقية ، عقلية ، روحية ، اجتماعية واقتصادية ) ليتمكن من أداء رسالته نحومجتمعة وتعمير الكون باعتباره خليفة الله في الارض . ( إبراهيم سليمان ، 1993، 9 ) .
فالتربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى تؤتى ثمارها .
وهذا الفهم يدعوالي الاقتراب من التساؤل الثاني ، حيث يمكن النظر الي الوجه المقابل من القضية وهوالإعلام التربوي ، فمن المفترض ان وسائل الإعلام تبتعد عن تقديم تربية وتعليم بشكل مقصود تاركة ذلك لوسائل الإعلام التربوية المتخصصة .
وهذا الافتراض يقود الي تحسن المحتوي العادي لوسائل الإعلام العامة ، فإذا كان هذا المحتوي مقدما داخل إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع المختلفة جاز اعتبار هذا النوع من الإعلام ( إعلاما تربويا ) طبقا لفهم الباحث أما إذا كان ذلك المحتوي ( الذي غالبا ما يهدف الي الترويج والترفيه أوالإثارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة ) خلوا من أي التزام تربوي أوأخلاقي ، أصبح ذلك النوع بهذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها . ( محمد منير سعد الدين ، 1995 ،15 ) .
ومن ثم فالتربية الإعلامية اعم واشمل من الأعلام التربوي الذي يهتم بنشر بيانات صحيحة وقابله للاستخدام تتعلق بجميع أنواع فرص التدريب والمتطلبات التربوية الحالية والمستقبلية ، ويشمل ذلك محتويات المناهج وظروف ومشكلات الحياة الطلابية ، وإذا كان الإعلام التربوي يمكن تعريفه علي انه " ذلك النظام المتكامل المتناسق من وسائل الإعلام الذي يوظف في تحقيق رسالة التربية ( الجسمية ، العقلية ، الاجتماعية والاستهلاكية…الخ بما يحقق التنمية الشاملة للفرد ) .
فان التربية الإعلامية يمكن تعريفها علي أنها " ذلك النظام أوالنسق التربوي المسئول عن تنمية الحس الإعلامي لدي المواطنين في مراحل العمر المختلفة " وهذه التربية قيمتها في تثقيف الفرد إعلاميا .( عبد الوهاب محمد كامل ، 1992،159 : 160 ) .
ويقدم د. إسماعيل دياب مفهوما واسعا للتربية الإعلامية اعم واشمل من مفهوم الإعلام التربوي والذي غالبا ما يعني من وجهة نظرة – نشر معلومات وبيانات عن النظام التربوي أوقضية تربوية وغيرها ( كما في الإعلام التجاري والعسكري وغير ذلك ) .أما التربية الإعلامية في رأيه فهي اعم واشمل من ذلك حيث تنصرف الي ايه جهود إعلامية محققة لاهداف التربية .( إسماعيل محمد دياب ، 1992، 11 ) .
وهكذا فان الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، والتربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي بحيث يمكن القول بأن ايه معلومات تحتويها الرسالة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والتي تساعد علي بناء الإنسان تمثل جزء من التربية الإعلامية ، وبالتالي فان أي جهود إعلامية محققة لاهداف التربية يمكن ان يطلق عليها تربية إعلامية ، علي انه من الملاحظ ان الفاصل بين الإعلام التربوي الأعم والأشمل وبين التربية الإعلامية يكاد يكون من الصعب تمييزه خاصة إذا كان الهدف المشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية .
( إبراهيم المسلمي ، د.ت، 18 ) .
وهكذا وفي ضوء العرض السابق لمفهومي التعليم والإعلام التربوي والمفاهيم المتصلة بهما ، فقد خلص الفصل الي ان التربية والتعليم كمفهومين يتصلان اتصالا وثيقا ، وان كانت التربية اعم واشمل من التعليم الذي يمثل النمط الرئيسي للتربية أي تلك التربية المقصودة التي تتم داخل مؤسسات تعليمية أقامتها الدولة خصيصا لغرض التربية والتعليم ، فالتعليم يعتبر جزء من التربية وليس العكس ، كما اتضح تعدد وتنوع المفاهيم المختلفة للتربية حين تحدث عن هذا المفهوم أفراد ذوي تخصصات واتجاهات مختلفة .
وكما كان الحال بالنسبة لمفهوم التربية كان الحال أيضا بالنسبة لمفهوم التعليم ، فليس هناك تعريف جامع مانع للتعليم ، فهناك من يساويه بالتعليم المدرسي ( أي المدرسة ) وهناك من يتناوله علي انه دراسة في الحياة ( أي الخبرة ) أي لا يشمل مراحل الدراسة المقصودة في المدرسة فحسب ، بل يمتد الي ابعد من ذلك بكثير بحيث يشمل ما يسمي بالتعليم المستمر أي الذي يستمر باستمرار حياة الإنسان .( نفس المرجع السابق ) .
وبالنسبة لمفهوم الإعلام التربوي فما زال في حاجة الي تأصيل ، وما زال هناك خلاف حول هذا المفهوم ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية للاستفادة منها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول الي أهداف التربية ؟
إلا انه من المتفق علية هوان الإعلام التربوي يعتبر اظهر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام بعد تزايد إدراك الدور الخطير الذي يمكن ان يقوم به الإعلام تجاه التعليم ومعاونه المدرسة في أدائها لرسالتها ، كما تبين ان مفهوم الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، وان التربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي وان كانت جميعها تلتقي عند نقطة واحدة وهدف مشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية الخاصة مع تعاظم التقنيات الحديثة في مجال الاتصال وما يتطلب ذلك من دور اكبر للتربية الإعلامية لتنمية الحس الإعلامي لدي الأفراد ومساعدتهم علي أدراك وانتقاء والتعرض للمفيد من الرسائل الإعلامية والتمييز من خلال الخبرات والمهارات المكتسبة بين الغث والسمين .
الاتصال قاسم مشترك بين الإعلام والتربية:
مما سبق نجد ان التربية في جوهرها عملية اتصال ، والإعلام بكل انواعة سواء إعلام عام " صحافة وإذاعة وتليفزيون " أم إعلام تعليمي بشقية " صحافة مدرسيه وأذاعه مدرسية أوبرامج تليفزيونية لخدمة العملية التعليمية أوصفحات متخصصة للتعليم في بعض الصحف والمجلات أم إعلام تربوي بكل تعريفاته ومفاهيمه وما يشمله من صحافة تربوية وإذاعة تربوية وتليفزيون تربوي " في جوهرة أيضا عملية اتصال .
وان التربية عملية توجيهية والإعلام كذلك بكل أنواعه السابقة عملية توجيهية وإذا كان الأمر علي هذا الوضع فبين الإعلام والتربية وسائط مشتركة هي " الاتصال ، عملياته ، ووسائله وبينهما مجالات عمل وأهداف مشتركة . فكلاهما يتعامل مع المجتمع ويهدف لخدمته ويمكن ان تتحقق هذه الخدمة عندما يسير الإعلام والتربية في تآزر وتعاون وتغذي فيه التربية الإعلام ، ويغذي فيه الإعلام التربية في إطار قيم وأهداف هذا المجتمع . ( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 183 ) .
وعلي الرغم مما قيل عن العلاقة التنافسية بين الإعلام والتربية ، وأيضا الاختلاف والفوارق بين العمليتين الإعلامية والتربوية والتعليمية إلا انهما يشتركان في صفات أخرى تؤكد الترابط بينهما " فإذا تحققت الاستجابة لكل منها فالنتيجة تعني حدوث تغيير في السلوك لدي المستقبل ومن تحصيل الحاصل لهذه الصفة ان يكون من صفتها ان كلا منهما عملية اتصال فيها العناصر الأساسية لهذه العملية .( السعودية ، 1984،233 : 234 ) والتي تتمثل في المرسل : القائم بالاتصال التربوي أم الإعلامي وقد يكون شخصا عاديا أومعنويا ( مؤسسة / شركة / وزارة … الخ )
والمستقبل " المتلقي" ونعني به المتلقي الذي يتلقي الرسالة الإعلامية أوالتربوية سواء كان المتلقي فردا أم جماعة أم مؤسسة أم جمهور أم جماهير ، والرسالة ويقصد بها المعلومات أوالآراء أوالمشاعر أوالاتجاهات التي يرغب القائم بالاتصال بنقلها الي المستقبل عبر الرموز التي قد تكون صوتية مثل الكلام ، أوصورية مثل الكتابة أوحركية مثل الإشارات أوان تكون خليطا من أشكال الرموز هذه. والهدف ان عملية الاتصال سواء في الاتصال الإعلامي أوفي الاتصال التربوي يجريها القائم بالاتصال لهدف ما قد يكون للتأثير في أفكار أومشاعر أواتجاهات أوأراء المتلقيين للرسالة الإعلامية أوالتربوية .
الوسيلة :
حيث ان الرسالة سواء كانت تربوية أوإعلامية يتم نقلها عن طريق وسيلة ما ، وفي حالة الاتصال الشخصي يتم نقلها عن طريق الشفوي ، وفي حالة الاتصال الجماهيري قد يتم نقلها عبر الكتاب أوالمجلة أوالجريدة أوالإذاعة أوالتليفزيون أوالسينما . وكل هذا يتم في إطار سياق أوظروف الذي تتم فيه عملية الاتصال سواء اتصال تربوي أم اتصال إعلامي إذ انه لا يتم في فراغ ولكنة يتم في بيئة اجتماعية وثقافية واقتصادية وبيئية وغيرها .
( صالح خليل أبواصبع ، 1999 ) .
مما سبق يتضح ان الاتصال همزة الوصل بين الإعلام بكل انواعة والتربية بكل أنواعها .
الإعلام التربوي ... والإعلام التعليمي:
ومثلما كان الاختلاف بشأن ما يعنيه مصطلح الإعلام التربوي ومدلولاته المختلفة كان الاختلاف المثار بالنسبة لمفهوم الإعلام التعليمي وهل هوقاصر علي ما تبثه رسائل الإعلام داخل الحقل التعليمي أم يتسع ليشمل البرامج التعليمية الموجهة في الإذاعة المسموعة والمرئية ، وكذلك الصفحات والأبواب والأركان المتخصصة في الجرائد اليومية والأسبوعية ، كذلك هناك من يخلط بين مصطلحي الإعلام التربوي والإعلام التعليمي ، فيطلقون لفظ الإعلام التربوي علي العملية الإعلامية داخل الحقل التعليمي فضلا عن الدراسات والأبحاث التي تناولت البرامج التعليمية في الإذاعة والتليفزيون تحت مسمى الإعلام التربوي .
وهذا الخلط قد يكون ناجم عن الخلط بين كلمتي التربية Education والتعليم Instruction بل ان الكلمة الأولي كثيرا ما تترجم الي العربية مرة بالتعليم ومرة بالتربية، كما تستخدم كثيرا بمعني التربية لتشير الي التعليم وعلي أساس ان التعليم نوع من أنواع التربية ولكنها التربية الرسمية التي تتم داخل المؤسسات التعليمية ، بينما تتم التربية داخل تلك المؤسسات وخارجها وبرزت هذه النظرة من خلال الزحف التكنولوجي الهائل والحديث في كافة مناحي الحياة ، وضرورة أن تستخدم التربية منجزات عصرها ، حيث إنها من المفترض ان تتأثر بأدوات ومنجزات عصرها الذي تعيش فيه .
وفي إطار هذه النظرة أشار البعض الي ان استخدام وسائل الأعلام في التعليم له مردودة حيث أكدت بحوث " ولبور شرام " “ Wilber schramm” علي جدوي استخدام التليفزيون التعليمي ، حيث ان هذا الجهاز له إمكانات واستخدامات تربوية .
( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 200 ) .
ومن الأشكال المختلفة لهذا الاستخدام والتي أنتجت أشكال من البرامج التعليمية الناتجة عن تكنولوجيا الإعلام " التعليم الذاتي والتعليم بالمراسلة " والتعليم عن بعد والتعليم المبرمج 000 إلخ ، كذلك الجامعات . ( ماجي الحلواني ، 1987 ، 125 ) .
ويعرف إبراهيم المسلمي الإعلام التعليمي علي انه " جزء من الإعلام التربوي الأعم والأشمل " .
يقصد به كافة المواد التعليمية المعدة خصيصا لفئة معينة ، التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة سواء داخل الحقل التعليمي كالإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية أوخارجها علي المستوي الجماهيري كالبرامج التعليمية المسموعة والمرئية الموجهة للطلاب بمختلف المراحل التعليمية والصفحات والأبواب والأركان التعليمية المتخصصة في الصحف اليومية والأسبوعية حتى وان قرأها جمهور عام – بقصد الإعلام والتثبيت والشرح والتحليل ومعاونه المؤسسة التعليمية ( إبراهيم المسلمي ، د.ت ، 17 ) .
علي ايه حال هناك وجهتي نظر فيما يتعلق بمصطلح الإعلام التعليمي :
الأولي :
تقصر الإعلام التعليمي علي كل الوسائل التي تستخدم داخل الحقل التعليمي في إعلام جماهير وأطراف العملية التعليمية بقضايا ومستجدات وأحداث ومشكلات الحقل التعليمي ومن هذه الوسائل الصحافة المدرسية ، الإذاعة المدرسية وغيرها .
الثانية :
تضيف الي هذه الوسائل الإعلامية المدرسية ما تبثه الإذاعة المسموعة والمرئية من برامج تعليمية متخصصة وكذلك ما تنشره الصحف والمجلات العامة من صفحات وأبواب وركان تعليمية متخصصة .
ويأتي مفهوم " مصطفي رجب " متمشيا مع وجهة النظر الثانية حيث يحصره في الصحف والمجلات التي تصدر متجهة الي المعلمين والطلاب وغيرهم من عناصر العملية التعليمية مضافا الي ذلك البرامج التعليمية المسموعة والمرئية ( مصطفي رجب ، 1989، 8 ) .
الرؤية الصحيحة لمفهوم الإعلام التربوي:
ويري مصطفي رجب ان إطلاق مصطلح " الإعلام التربوي " يشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام العامة يمكن ان يكون اقرب الي الصواب واكثر إفادة للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وبخاصة أجهزة الإعلام ( مصطفي رجب ، 1989 ، 8 ) ولا شك ان هذه النظرة الشاملة لمفهوم الإعلام التربوي لها جانبان :
الأولى :
ان وسائل الإعلام علي اختلافها – مؤسسة اجتماعية لها من الحقوق ما لآيه مؤسسة أخرى في المجتمع كالأسرة والمدرسة والمسجد والأندية وغيرها وهي ولا شك وسيط تربوي قوي وبالتالي فعليها واجبات ينبغي القيام بها الي جانب وظائفها الأخرى التقليدية ، يضاف الي ذلك سعيها الدائب للبقاء والقوة والتكيف من خلال اكتمال وفاعلية دورها الوظيفي كوحدة في النظام الثقافي المتكامل في المجتمع .
الثاني :
ان التربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر كالبرامج التعليمية الموجهة وما يحدث داخل المدرسة ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى يؤتي ثماره .
وعلي أساس من هذا الفهم فإن أي محتوي يقدم من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية وفي إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع ومبادئه يمكن اعتبار هذا النوع من الأعلام " إعلاما تربويا " أما إذا كان غير ذلك أي غير ملتزم اصبح إعلاما غير تربويا .
وهذا المعني يحمل في طياته اتهاما مرفوضا من جانب الأجهزة الإعلامية ، فحيث يكون هناك إعلام تربوي له خصائصه وسماته ، يكون أيضا هناك إعلاما غير تربوي عندما يفتقد الي الخصائص والسمات التي يعددها بعض الباحثين في أدبياتهم ، وهوما لا يتصور وجوده في إطار السياسات الإعلامية والتربوية .
ويعرف الإعلام التربوي بأنه " استخدام كافة أساليب التكنولوجيا الاتصالية الحديثة المسموعة والمرئية والمنشورة واللقاءات الميدانية لتوعية المواطن ومدة بكافة الآراء والمعلومات والخبرات والاتجاهات والمعتقدات " التي من شأنها ان تمس ناحية من النواحي التربوية أوالاجتماعية أوالتعليمية ، وكذلك التناول الإعلامي للمشكلات الاجتماعية والظواهر المرضية بشكل مباشر من خلال الاتصال الشخصي أوغير المباشر من خلال الاتصال الجماهيري . ( حسني الجبالي ، 1993 ، 165 ) .
وهذا المفهوم الواسع للإعلام التربوي يختلف عن هذا المفهوم الضيق الذي يقصره علي تلك المواد المعقدة خصيصا لأغراض تربوية ونفسية سواء أكانت مذاعة أم مرئية أم منشورة .
والإعلام التربوي يقصد به " نوعا من الثقافة التربوية الهادفة الموجهة للجماهير بمختلف نوعياتهم ويمكن ان يكتفي هذا الإعلام بمعالجة بعض القضايا والمشكلات التربوية مثل قضايا المعوقين " ومتضمنات هذا الإعلام التربوي انه إعلام من حيث ضرورة نشر موضوعاته عن طريقه كافة ألوان المواد المطبوعة والمسموعة والمرئية ، وما يناسب الحالات والأعمار المختلفة منها ، وهذا الإعلام تربويا لانه يهدف الي غايات تربوية منشودة لخدمة بعض قضايا التربية والتعليم والإسهام في تربية أبناء وأفراد المجتمع بما يؤدي الي صالح الأفراد وتقدم المجتمع . ( ثابت كامل حكيم ، 1993 ، 126 ) .
ولا شك ان هذا المفهوم يأخذ في اعتباره الدور الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام تجاه المجتمع ومدى مساهمة هذه الأجهزة نحوخدمة قضايا التربية وتربية المواطنين ، انطلاقا من ان التربية الصحيحة والإعلام الصحيح لابد ان يلتقيا في منتصف الطريق ولتحقيق غايات منسقة تسهم في تقدم المجتمع وأفراده .
أما د. إبراهيم المسلمي فقد عرف الإعلام التربوي بأنه " هوفرع من الإعلام المتخصص ولكنه يتميز بأنه إعلام أعم وأشمل وهوإعلام موجة وهادف وموضوعي … يقصد به إعداد رسائل واقعية هادفة وموجهة ، تبث من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة وتقنياتها المختلفة الي الجماهير علي اختلاف أعمارهم وبيئاتهم وثقافتهم ، بما يسهم في عملية إدماجهم وتكيفهم مع مجتمعهم الذي يعيشون فيه ، ويؤدي الي رقيهم وتنميتهم وتطويرهم وتربيتهم التربية الصحيحة في إطار الوسط الاجتماعي العام ، وبما يتفق مع النسق القيمي والأخلاقي في المجتمع وتحقيق رسالة الإعلام والتربية معا . ( إبراهيم المسلمي ، د.ن، 16 ) .
وهنا تظهر أهميه الإعلام التربوي في مجالات التثقيف ومساندة عملية التنمية الشاملة وترشيد القيم الإيجابية وغرس قيم جديدة تتطلبها هذه المرحلة لمواجهة التحديات التي تتطلب إنسانا واعيا متطورا منتجا .
وتعرف علياء رمضان بأنه " الإعلام التربوي هوتوظيف وسائل الإعلام العامة سواء صحافة أوإذاعة أوتليفزيون في خدمة أهداف التربية " .
ويؤكد محي الدين اللاذقاني علي النظرة الشمولية للإعلام التربوي فيقول " ان التسميات الكثيرة التي يزخر بها معجم الإعلام الحديث كالإعلام الاقتصادي والزراعي والعسكري ما هي في الواقع إلا فرع من شجرة كبيرة في شجرة الإعلام التربوي بمعناه الشمولي لا التبسيطي الذي يجعل منه معلما أخر … ويستطرد قائلا : انه من الأولي بالأعلام التربوي ان يطور وسائلة واساليبة وان يدرس بعمق يتناسب مع أهميته بين بقية فروع الإعلام في وقت يميل فيه الي التخصص " . ( محي الدين اللاذقاني ، 1978 ، 12 : 14 ) .
ويري ان الإعلام التربوي يأتي أولا وسابقا لفروع الإعلام الأخرى لان القائمين علي الإعلام الحديث يطبقون منذ وقت طويل احدث الأساليب النفسية للتأثير علي الرأي العام مستفيدين في ذلك من أخر منجزات ثورة الاتصال بالجماهير التي تتيح لهم وضع خطط إعلامية دعائية للأطفال والشباب . ( نفس المرجع السابق ) .
وهكذا اختلفت المفاهيم بالنسبة للإعلام التربوي بين مفهوم اعم واشمل يؤكد ما للإعلام من قيمة تربوية وتأثير في تكوين الفكر ، ويؤكد علي ضرورة الجمع بين الإعلام والتربية كنظام شامل يحوي التربية المدرسية واللامدرسية ، النظامية واللانظامية ، تربية الناشئين والكبار لان هذه الحلقات تتكامل وتترابط لاعداد الشخصية الإنسانية السوية المنتجة والإيجابية المبتكرة حتى تكون وسائل الإعلام اكثر أثمارا وإيجابية ، وبين إعلام محدود وضيق وقاصر علي البيانات والمعلومات الخاصة بالعملية والنظام التعليمي .
الإعلام التربوي … والتربية الإعلامية:
أما عن التربية الإعلامية فتعرف بأنها " جميع الجهود والأنشطة الإعلامية الداعية والهادفة التي تبثها وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية " والتي تساعد علي بناء الإنسان وإعداده من جميع النواحي ( أخلاقية ، عقلية ، روحية ، اجتماعية واقتصادية ) ليتمكن من أداء رسالته نحومجتمعة وتعمير الكون باعتباره خليفة الله في الارض . ( إبراهيم سليمان ، 1993، 9 ) .
فالتربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى تؤتى ثمارها .
وهذا الفهم يدعوالي الاقتراب من التساؤل الثاني ، حيث يمكن النظر الي الوجه المقابل من القضية وهوالإعلام التربوي ، فمن المفترض ان وسائل الإعلام تبتعد عن تقديم تربية وتعليم بشكل مقصود تاركة ذلك لوسائل الإعلام التربوية المتخصصة .
وهذا الافتراض يقود الي تحسن المحتوي العادي لوسائل الإعلام العامة ، فإذا كان هذا المحتوي مقدما داخل إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع المختلفة جاز اعتبار هذا النوع من الإعلام ( إعلاما تربويا ) طبقا لفهم الباحث أما إذا كان ذلك المحتوي ( الذي غالبا ما يهدف الي الترويج والترفيه أوالإثارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة ) خلوا من أي التزام تربوي أوأخلاقي ، أصبح ذلك النوع بهذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها . ( محمد منير سعد الدين ، 1995 ،15 ) .
ومن ثم فالتربية الإعلامية اعم واشمل من الأعلام التربوي الذي يهتم بنشر بيانات صحيحة وقابله للاستخدام تتعلق بجميع أنواع فرص التدريب والمتطلبات التربوية الحالية والمستقبلية ، ويشمل ذلك محتويات المناهج وظروف ومشكلات الحياة الطلابية ، وإذا كان الإعلام التربوي يمكن تعريفه علي انه " ذلك النظام المتكامل المتناسق من وسائل الإعلام الذي يوظف في تحقيق رسالة التربية ( الجسمية ، العقلية ، الاجتماعية والاستهلاكية…الخ بما يحقق التنمية الشاملة للفرد ) .
فان التربية الإعلامية يمكن تعريفها علي أنها " ذلك النظام أوالنسق التربوي المسئول عن تنمية الحس الإعلامي لدي المواطنين في مراحل العمر المختلفة " وهذه التربية قيمتها في تثقيف الفرد إعلاميا .( عبد الوهاب محمد كامل ، 1992،159 : 160 ) .
ويقدم د. إسماعيل دياب مفهوما واسعا للتربية الإعلامية اعم واشمل من مفهوم الإعلام التربوي والذي غالبا ما يعني من وجهة نظرة – نشر معلومات وبيانات عن النظام التربوي أوقضية تربوية وغيرها ( كما في الإعلام التجاري والعسكري وغير ذلك ) .أما التربية الإعلامية في رأيه فهي اعم واشمل من ذلك حيث تنصرف الي ايه جهود إعلامية محققة لاهداف التربية .( إسماعيل محمد دياب ، 1992، 11 ) .
وهكذا فان الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، والتربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي بحيث يمكن القول بأن ايه معلومات تحتويها الرسالة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والتي تساعد علي بناء الإنسان تمثل جزء من التربية الإعلامية ، وبالتالي فان أي جهود إعلامية محققة لاهداف التربية يمكن ان يطلق عليها تربية إعلامية ، علي انه من الملاحظ ان الفاصل بين الإعلام التربوي الأعم والأشمل وبين التربية الإعلامية يكاد يكون من الصعب تمييزه خاصة إذا كان الهدف المشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية .
( إبراهيم المسلمي ، د.ت، 18 ) .
وهكذا وفي ضوء العرض السابق لمفهومي التعليم والإعلام التربوي والمفاهيم المتصلة بهما ، فقد خلص الفصل الي ان التربية والتعليم كمفهومين يتصلان اتصالا وثيقا ، وان كانت التربية اعم واشمل من التعليم الذي يمثل النمط الرئيسي للتربية أي تلك التربية المقصودة التي تتم داخل مؤسسات تعليمية أقامتها الدولة خصيصا لغرض التربية والتعليم ، فالتعليم يعتبر جزء من التربية وليس العكس ، كما اتضح تعدد وتنوع المفاهيم المختلفة للتربية حين تحدث عن هذا المفهوم أفراد ذوي تخصصات واتجاهات مختلفة .
وكما كان الحال بالنسبة لمفهوم التربية كان الحال أيضا بالنسبة لمفهوم التعليم ، فليس هناك تعريف جامع مانع للتعليم ، فهناك من يساويه بالتعليم المدرسي ( أي المدرسة ) وهناك من يتناوله علي انه دراسة في الحياة ( أي الخبرة ) أي لا يشمل مراحل الدراسة المقصودة في المدرسة فحسب ، بل يمتد الي ابعد من ذلك بكثير بحيث يشمل ما يسمي بالتعليم المستمر أي الذي يستمر باستمرار حياة الإنسان .( نفس المرجع السابق ) .
وبالنسبة لمفهوم الإعلام التربوي فما زال في حاجة الي تأصيل ، وما زال هناك خلاف حول هذا المفهوم ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية للاستفادة منها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول الي أهداف التربية ؟
إلا انه من المتفق علية هوان الإعلام التربوي يعتبر اظهر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام بعد تزايد إدراك الدور الخطير الذي يمكن ان يقوم به الإعلام تجاه التعليم ومعاونه المدرسة في أدائها لرسالتها ، كما تبين ان مفهوم الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، وان التربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي وان كانت جميعها تلتقي عند نقطة واحدة وهدف مشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية الخاصة مع تعاظم التقنيات الحديثة في مجال الاتصال وما يتطلب ذلك من دور اكبر للتربية الإعلامية لتنمية الحس الإعلامي لدي الأفراد ومساعدتهم علي أدراك وانتقاء والتعرض للمفيد من الرسائل الإعلامية والتمييز من خلال الخبرات والمهارات المكتسبة بين الغث والسمين .
الاتصال قاسم مشترك بين الإعلام والتربية:
مما سبق نجد ان التربية في جوهرها عملية اتصال ، والإعلام بكل انواعة سواء إعلام عام " صحافة وإذاعة وتليفزيون " أم إعلام تعليمي بشقية " صحافة مدرسيه وأذاعه مدرسية أوبرامج تليفزيونية لخدمة العملية التعليمية أوصفحات متخصصة للتعليم في بعض الصحف والمجلات أم إعلام تربوي بكل تعريفاته ومفاهيمه وما يشمله من صحافة تربوية وإذاعة تربوية وتليفزيون تربوي " في جوهرة أيضا عملية اتصال .
وان التربية عملية توجيهية والإعلام كذلك بكل أنواعه السابقة عملية توجيهية وإذا كان الأمر علي هذا الوضع فبين الإعلام والتربية وسائط مشتركة هي " الاتصال ، عملياته ، ووسائله وبينهما مجالات عمل وأهداف مشتركة . فكلاهما يتعامل مع المجتمع ويهدف لخدمته ويمكن ان تتحقق هذه الخدمة عندما يسير الإعلام والتربية في تآزر وتعاون وتغذي فيه التربية الإعلام ، ويغذي فيه الإعلام التربية في إطار قيم وأهداف هذا المجتمع . ( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 183 ) .
وعلي الرغم مما قيل عن العلاقة التنافسية بين الإعلام والتربية ، وأيضا الاختلاف والفوارق بين العمليتين الإعلامية والتربوية والتعليمية إلا انهما يشتركان في صفات أخرى تؤكد الترابط بينهما " فإذا تحققت الاستجابة لكل منها فالنتيجة تعني حدوث تغيير في السلوك لدي المستقبل ومن تحصيل الحاصل لهذه الصفة ان يكون من صفتها ان كلا منهما عملية اتصال فيها العناصر الأساسية لهذه العملية .( السعودية ، 1984،233 : 234 ) والتي تتمثل في المرسل : القائم بالاتصال التربوي أم الإعلامي وقد يكون شخصا عاديا أومعنويا ( مؤسسة / شركة / وزارة … الخ )
والمستقبل " المتلقي" ونعني به المتلقي الذي يتلقي الرسالة الإعلامية أوالتربوية سواء كان المتلقي فردا أم جماعة أم مؤسسة أم جمهور أم جماهير ، والرسالة ويقصد بها المعلومات أوالآراء أوالمشاعر أوالاتجاهات التي يرغب القائم بالاتصال بنقلها الي المستقبل عبر الرموز التي قد تكون صوتية مثل الكلام ، أوصورية مثل الكتابة أوحركية مثل الإشارات أوان تكون خليطا من أشكال الرموز هذه. والهدف ان عملية الاتصال سواء في الاتصال الإعلامي أوفي الاتصال التربوي يجريها القائم بالاتصال لهدف ما قد يكون للتأثير في أفكار أومشاعر أواتجاهات أوأراء المتلقيين للرسالة الإعلامية أوالتربوية .
الوسيلة :
حيث ان الرسالة سواء كانت تربوية أوإعلامية يتم نقلها عن طريق وسيلة ما ، وفي حالة الاتصال الشخصي يتم نقلها عن طريق الشفوي ، وفي حالة الاتصال الجماهيري قد يتم نقلها عبر الكتاب أوالمجلة أوالجريدة أوالإذاعة أوالتليفزيون أوالسينما . وكل هذا يتم في إطار سياق أوظروف الذي تتم فيه عملية الاتصال سواء اتصال تربوي أم اتصال إعلامي إذ انه لا يتم في فراغ ولكنة يتم في بيئة اجتماعية وثقافية واقتصادية وبيئية وغيرها .
( صالح خليل أبواصبع ، 1999 ) .
مما سبق يتضح ان الاتصال همزة الوصل بين الإعلام بكل انواعة والتربية بكل أنواعها .